مقدمة تاريخية:
يعتقد العلماء بأن البريونات(مادة بروتينية) هي المادة المعدية والناقلة لمرض الاعتلال الدماغي الأسفنجي في الحيوانات والإنسان على حد سواء، و لا يستطيع العلم إثبات مصدر هذه البروتينات بالدقة، حيث أنها موجودة بشكل طبيعي في أدمغة الثدييات وهي مسولة عن عدة وظائف في الجسم.
البريطانيون هم أول من عرف أمراض إعتلال الدماغ التي نسبت في ما بعد إلى البريونات، و ذلك في منتصف القرن الثامن عشر، عندما أخذ مرض غريب يصيب الخراف، حيث ينتابها الأخيرة حالة من الهياج، وتأخذ في حك صوفها وجلدها في الصخور وغيرها من الأجسام الصلبة حتى تموت، وعرف هذا المرض باسم scrapie أو "الحكاك".
وفي عشرينيات القرن الماضي توصل طبيبان ألمانيان إلى توصيف مرض يصيب البشر وهو يحمل اسميهما، مرض كرويتزفلت-جاكوب التقليدي CJD (أثبت ستانلي بروزينر في ما بعد أنه ينتج عن البريونات)، وكذلك أيضا تم توصيف مرض شنايكر، وفي كليهما يصاب المرضى بتدهور نفسي وعقلي هائل، وينتهي الأمر بموت مؤكد، نتيجة تحلل أنسجة المخ, ولكنهما مرضان نادران، قد يصيبان شخصا واحدا من كل مليون إنسان.
تم اكتشاف مرض جنون البقر بإنكلترا عام 1986. وكانت أعراض المرض لدى الأبقار تماثل أمراضا يسببها البريون. الاعتقاد هو أن المرض ينبع من إطعام الأبقار غذاء من الحيوانات تم إعداده بدرجات حرارة أقل مما بالعقود الماضية. يمكن أن ينتقل بريون البقر ويصيب الإنسان.
وإستمر انتشار هذا المرض حتى وصل إلى أمريكا الشمالية ففي عام 2007 تم تأكيد إصابة ثلاث حالات بمرض جنون الأبقار في الولايات المتحدة و12 حالة في كندا. غير أن تسجيل الحالات في دول أوربا ما يزال مستمرا حيث أعلنت دولة التشيك في 8 مارس 2009 عن تأكيد وجود حالة جنون الأبقار في مزرعة على الحدود الشمالية مع بولندا , ولم يقف تسجيل الإصابات عند الأبقار وحسب بل تم تأكيد سبب موت سيدة في اسبانيا في يناير لعام 2009 لإصابتها بمرض كرويتزفلت-جاكوب.
متى أطلق اسم البريونات؟
في عام 1986 صاغ الدكتور ستانلي بروزينر، لفظة "بريون " Prion، وهي تمثل الأحرف الأولى من كلمات "جزيئات بروتينية مسببة للعدوى"، (proteinaceous infection particle) وكان بروزينر قد أثبت أن البريونات (يطلق عليها أيضا البروتينات البريونية) هي بروتينات تتواجد بصورة طبيعية على سطح فئة معينة من خلايا الدماغ, هذه البروتينات تقوم، ولسبب غير معروف، بطيّ نفسها بطريقة غير طبيعية، فتكتسب الطبيعة "البريونية"، أي تصبح بريونات.
ماهي البريونات؟
البريونات (Prions) هي جسيمات بيولوجية (بروتينات) صغيرة جدا تسبب أمراضا لكل من الحيوانات والإنسان. هذه الجسيمات مسؤولة عن أمراض دماغية قاتلة وراثية وتلوثية على حد سواء. ويقصد بهذا التعريف البريونات الغير طبيعية PrPsc وهي ترمز الى البريونات التي اكتشفت في أدمغة الأغنام المصابة بالحكاك (scrapie).
ويعتبر الدور الذي يلعبه هذا البروتين في داخل جسم الثدييات مجهولا نوع ما، غير أن بعض المصادر قد ذكرت بعض خصائصه الأيضيه مثل اشتراكه مع عنصر النحاس و مع البروتينات الأخرى كمحفز على الانقسام والتمايز وموت الخلية. وقد نشرت مجلة "cell" بحثا في عددها الصادر يوم 26 ديسمبر/ كانون الأول 2003 يشير إلى أن البريونات (وهي جزيئات البروتين التي شاع أنها سبب الإصابة بمرض جنون البقر وانتقاله) تلعب دورا محوريا في آليات صنع الذاكرة في البشر، ونشر نتائج بحث قام به فريق من الكلية الملكية البريطانية للطب البيطري في مقارنة كميات البروتين والكولسترول بين الخلايا العصبية المصابة بعدوى البريونات والأخرى السليمة، حيث وجد الباحثون تشابهاً في كمية البروتينات بين الخلايا المصابة والسليمة، واختلافاً ملحوظ في كمية الكولسترول الكلي (الكولسترول الحر"السيئ" والكولسترول المؤستر"الحميد") حيث كانت مرتفعة بشكل ملحوظ في الخلايا المصابة، كما لاحظ الباحثون أيضا حدوث اضطراب في التوازن بين نوعي الكولسترول، حيث ارتفعت كميات الكولسترول الحر أو من خفض الكثافة (LDL) منه في حين انخفضت كميات الكولسترول عالي الكثافة (HDL).
ماهي أهم صفات البريونات؟
وهي عبارة عن بروتينات طبيعية داخل الخلية الحيوانية، مرت بتغيرات محددة خلال سلسلة نقل البروتينات داخل الخلية (posttranslational processing) ونتيجة لذلك أصبحت ممرضة، ويعتبر البروتين الطبيعي PrPc الذي يتألف من 208-250 من الأحماض الأمينية منها وهو موجود داخل خلايا الثدييات وخاصة الخلايا العصبية.
رغم أن للبريونات طبيعة بروتينية، إلا أن ثمة فارقا جليا بين البروتينات والبريونات، فالبروتينات ثابتة الشكل طوال حياتها في جسم الكائن الحي، أما البريونات فلها القدرة على "الطي والفك" بحرية أكبر، ودون أن تستهلك طاقة من الخلية.
للبريونات فترة كمون طويلة داخل الكائن المصاب، فهي لا تستدعي أي استجابة من جهاز المناعة في جسمه. ولديها فترة حضانة طويلة أيضا تتراوح من 2 - 2,6 سنة. وقد توصف أنها الأمراض المفاجئة القاتلة خاصة في الأبقار وذلك لظهور الأعراض دون مستبقات على الحيوان.كما أن للبريونات مقاومه لكثير من وسائل التعقيم الفيزيائية والكيمائية المعتادة، فمثل مقاومتها لأشعة فوق بنفسجية ودرجة حرارة البسترة والغليان لدرجة 100 مئوية لمدة ساعة كاملة، والمعقمات مثل الفرملدهايد.
لا تحتوي البريونات على مورثات (DNA،RNA) ولكن أحماض أمينية تترتب بشكل غير طبيعي لتكون بروتين غير قابل للانحلال وذات وزن نوعي 33-35KDa ويتقلص إلى27-30 KDa في النظير الخطر PrPsc.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق