الثلاثاء، 21 مايو 2013

تشميع الفواكه ...وصفة تسويقية خالية من الأضرار 10 % قيمة الفاقد المائي الناتج عن التخزين



ثمار التفاح والبندورة تملك طبقة شمعية طبيعية وهي قابلة للتخزين دون إضافات شمعية


كثرت في الآونة الأخيرة الأحاديث التي تبحث في ماهية تلك الخلطة السحرية التي تمنح بعض أنواع الفاكهة بريقاً يميزها عن غيرها من الأنواع  الموجودة في واجهات المحلات التي تفننت في أساليب إغراء الزبائن واستقطابهم وتحفيزهم على الشراء ولكن مع دخول مكونات هذه العملية التسويقية بخلطتها السحرية  دائرة التشكيك بسلامتها من قبل المواطن بات من الضروري تسليط الضوء عليها وكشف بعض أسرارها.

ولاشك أن ذلك الدور التسويقي الجمالي المستخدم لعرض الفاكهة يؤثر على أذواق الزبائن واختياراتهم للمواد المتوفرة في السوق ولكنه في حقيقته تأثير مزدوج  فتلك الجمالية التي  تساهم في استقطاب الكثيرين لشراء هذه المنتجات تثير في الوقت ذاته مخاوف الناس من نوعية المواد المستخدمة في تحسين مظهر الفاكهة حيث تتحرك هواجسهم وشكوكهم  فيبدؤون بطرح العديد من الاحتمالات والتساؤلات حول سر جماليتها و إمكانية تأثيرها على الصحة وخاصة البرتقال منها.

فما هي مكونات تلك الوصفة التجميلية المسماة تشميع ؟وهل لها أضرار صحية أم أنها مجرد مواد أو مساحيق تجميلية ليس لها أي انعكاسات سلبية على الصحة ؟.


ليقول العلم

الدكتور أحمد يونس من  كلية الزراعة قسم علوم البستنة  بيّن  أن عملية  التشميع تجري بعد قطاف الثمار من خلال  وضع طبقة رقيقة من الشمع الطبيعي على سطح الثمار  لغرض إعطائها  مظهراً جذاباً وإطالة مدة حفظها، حيث أن الطبقة الشمعية تقلل من الفقد المائي  للثمار حيث  تضاف  إلى الشموع بعض  المواد المطهرة أو المواد التي تقلل من شيخوخة الثمار التي يمكن أن تشمع  مثل (البرتقال – الليمون-  اليوسفي - الخيار – الطماطم -  الموز -  التفاح ).

وأكد أن التشميع يستخدم  للثمار المراد تخزينها  كونه  يمنحها مظهراً جذاباً ويظهر جماليتها  ويحسنها ويساهم في قبولها بشكل أكبر من المستهلك والى جانب ذلك، فالتشميع يؤدي إلى  التخفيف أو التقليل من  شدة الفقد المائي في الثمار فالماء موجود بنسبة 80-85% في  تركيب البرتقال و85-90% في التفاح ويشبه الدكتور يونس الثمرة عندما تكون على الشجرة بالجنين الذي يتغذى من أمه حيث تعوض الثمرة أية عملية نتح عن طريق تغذيتها من الجذور وعند القطف فإن أي  فاقد مائي لا يعوض .

ولفت  الدكتور يونس إلى أن التاجر يدفع ثمن وحدة وزنيه  للمواد التي يتم تخزينها في المخازن وعملية التخزين تعني وجود فاقد مائي نتيجة البخر يقدر 10  %  من وزن هذه المواد نتيجة طيران الماء في الهواء وهذا الفاقد جزء من الوزن وله سعر أو ثمن  ولذلك يلجأ إلى أساليب عديدة ومنها التشميع لتقليل الفاقد المائي الذي له أضرار تتمثل  بخسائر اقتصادية نتيجة انخفاض  جودتها  وقيمة الثمرة التسويقية نظراً  لتأثر تركيبها الكيميائي الذي يؤدي إلى ذبولها .

وأشار إلى بعض أنواع الشموع  المستخدمة مثل شمع البرافتين الذي  يمنع تبخر الماء من الثمار ولكنه لايكسب الثمار بريقاً جذاباً وشمع الكارتوبا الذي يعطي لمعان وبريق للثمار ولكن مقدرته قليلة على منع تبخر الماء وهناك خليط من النوعين إلى جانب مركبات شمعية جاهزة وهي خليط من عدة شموع وزيوت.  

ولفت الدكتور يونس إلى ضرورة عدم زيادة فترة التخزين أو زيادة  سماكة الطبقة الشمعية حتى لا تسد المسام فيحدث فساد وتخمر كون الثمرة جزء حي يأخذ الأوكسجين ويطرح ثاني أكسيد كربون وعندما يتم إغلاق المسامات تقل نسبة الأوكسجين وتزداد نسبة الكربون مما يؤدي إلى التخمر وخلق نواتج استقلاب ضارة ذات رائحة كريهة تؤثر في جودة طعم الثمرة كما أن زيادة مدة تخزين المادة المشمعة تسبب في تزايد النواتج الضارة  الناتجة عن العمل الحيوي ولذلك يجب أن تخرج .

وعن مدد التخزين الصحيحة  قال: «إن  أكثر الأصناف التي تخزن هي التي  تقطف بشكل متأخر مثل صنف برتقال فالنسيا  الذي يخزن  حتى أربعة أشهر في مخازن حرارتها مابين  2-3 درجات مئوية ونسبة رطوبة 80-85% في هواء المخزن وهناك أنواع تحتاج إلى حرارة أعلى مثل برتقال  أبو صرة  الذي يخزن في حرارة  5درجات مئوية والليمون 12 درجة مئوية والكريفون 12 درجة مئوية وفي حال  تم تخزينها بدرجات أقل فإنها تفسد. 

وبين أن الشموع المستخدمة طبيعية وخاصة للتفاح وتؤكل وليس لها أضرار ولكن في حال تخزينها لمدة طويلة فيجب الانتباه إلى أن بعض المواد الفطرية (المبيدات الفطرية ) التي تستخدم من أجل حماية الثمار من الإصابة ببعض الأمراض (عفن البنسليوم –العفن الأخضر- عفن الجروح)  حيث أن أية ثمرة مجروحة بجرح ولو كان غير مرئي فهي معرضة لدخول الفطر إلى الداخل وفسادها .

كما قال الدكتور يونس (لا أنصح باستخدام أية مادة شمعية أو غير شمعية وخاصة بالنسبة لثمار التفاح و البندورة التي تملك طبقة شمعية طبيعية أثناء النضج وهي قابلة للتخزين دون أي مواد أخرى والأفضل أن تتم تغطية الحمضيات بأكياس وبرقائق (بولي إثيلين) لحمايتها من الفقد المائي، وأضاف أن الدول الأوروبية تضع إشارة استفهام على كل ثمرة يتم التعامل معها بمواد كيماوية يمكن أن تتسبب بأمراض بعد استخدامها لسنوات فمادة داي فينيل التي استخدمت لتغطيس ثمار التفاح لحمايتها من مرض الصمت أو الحرق واللفحة التي تترك طبقة سمراء أو بنية على قشرة الثمرة  اكتشف فيما بعد أنها مسرطنة ولذلك من الأفضل عدم معاملة الثمار بأي شيء ويجب تركها كما هي فكفانا تسممات وتلوثات وعلينا  العودة إلى الطبيعة وعدم استخدام أي شيء له أضرار مستقبلية. 

مثال 
في إحدى مؤسسات الخزن والتبريد سنحت لنا فرصة مشاهدة  مراحل  عملية التشميع التي تبدأ بالفرز للفاكهة ثم الغسيل في أحواض خاصة  بعد ذلك تمر على التنظيف والتنشيف ومن ثم التشميع مروراً بالحرارة لتنشيف الشمع ومن ثم الفرز وفق الأحجام .

وقد أكد سعيد سلام صاحب المؤسسة على أن عملية  التشميع غير مضرة حيث تضاف مواد حافظة إلى الشمع الذي هو عبارة عن طبقة شفافة جداً على القشرة الخارجية من أجل تلميع البرتقال وحفظه لمدة أطول من إغلاق  المسامات من أجل التبريد والحفظ وخاصة أثناء التصدير إلى الدول العربية والأجنبية.

وفيما يتعلق بالكلفة المضافة نتيجة التشميع بيّن سلام أن كل 1كغ برتقال  يكلف مابين 1,5 و2 ل.س تشميع ومع التبريد تتراوح التكلفة ما بين 2ل.س إلى 4,5ل .س وتضاف إلى ذلك أسعار العبوات 1-1,5 ل.س  أي أن التكلفة 1500ل.س للطن الواحد.

وأشار إلى أن المواد المستخدمة مواد طبيعية مستوردة من إيطاليا  لافتاً إلى أنه لايوجد في  سورية عمليات تشميع للتفاح. 

 جهات غائبة
من المؤسف حقاً أننا بعد انتظار لأكثر من أسبوعين للحصول على أي معلومات من هيئة المواصفات والمقاييس وخاصة الدائرة الغذائية تفاجئنا بعدم وجود أي معلومة تخدم بحثنا سواء من ناحية نوعية المواد التي تستخدم في عملية التشميع أو من جهة دور الهيئة ومعلوماتها عن هذه العملية التي تتم في مؤسسات عامة وخاصة .
وبالمحصلة النهائية نستطيع القول إن عملية التشميع هي في الوقت الحالي عملية تجميلية تسويقية خالية من أية أضرار صحية على المواطن ولكن ماذا يحمل لنا المستقبل من مفاجآت تتعلق بانعكاسات المواد الشمعية التي تدفن داخل أجسامنا على مراحل ؟!.
د. يونس: 

هناك تعليق واحد: