• هل صحيح أن بعض النباتات والأغذية ذات الأصل النباتي يمكن أن تحتوي على مواد سامة؟
نعم، فلقد عرف الانسان منذ القدم من خلال التجربة والمشاهدة أن كثيراً من النباتات تحتوي على مواد سامة، فلا تصلح كغذاء للإنسان أو كعلف للحيوان. ثم عرفت بعض الأغذية النباتية التي قد تحتوي على بعض هذه المواد السامة ولكن بنسب ضئيلة، والتي تزداد قائمتها يوما بعد يوم وخاصة مع ازدياد تطور أجهزة التحليل المعملية الدقيقة التي يمكنها التقاط تركيزات متدنية، والتعرف على مواد مجهولة.
• بم يفسر وجود هذه المواد في النباتات؟
يعتقد أن تلك المواد لها وظيفة وقائية، أي أنها تساعد النباتات على حمايتها من أعدائها الطبيعيين من حشرات وفطريات .. وغيرها، ومن المعروف أن قدرة الخالق سبحانه وتعالى زودت النباتات بعدة أساليب لحمايتها من أعدائها من الكائنات الحية، مثل إنتاج الأشواك والطبقة الشمعية و إنتاج مواد كيميائية سامة ضد هذه الكائنات، وقد تكون كذلك بالنسبة للإنسان.
• هل بالإمكان إعطاء أمثلة على الأغذية النباتية التي قد تحتوي أنسجتها على مواد ضارة؟
- البطاطس/الطماطم السولانين
- الجزر كاروتوتوكسين
- النعناع/الحبق بوليجون
- الشاي/القهوة الكافيين والثيوفلين والتانين
- اللوز المر أمجدالين (تطلق مادة السيانيد السامة)
• هل توجد علامات تدل على وجود المواد السامة؟
في غالب الأحيان لا يمكن تمييزها كما هو الحال بالنسبة لنوع فطر عيش الغراب السام الذي يصعب تمييزه من الأنواع غير السامة، ولكن في بعض الأحيان يمكن الاستدلال على وجود المواد السامة – كما هو الحال في البطاطس الذي يمكن أن يحتوي على مادة السولانين وهي مادة من أشباه القلويات لها تأثيرات سامة حيث يدل اللون الأخضر والطعم المر في البطاطس على وجود هذه المواد السامة.
• هل بالإمكان التعريف بطبيعة هذه المواد الضارة وأنواعها؟
هذه المواد متنوعة تنتمي لمجاميع كيميائية عديدة فمنها البروتينات، ومنها الكربوهيدرات ومنها الكيتونات ومنها المركبات الحلقية العديدة .. وهي توجد عادة بتراكيز منخفضة، ويمكن أن توجد في الثمار أو في الجزء الخضري (الأوراق والسيقان) أو في الجذور .
تتفاوت تأثيراتها من مواد تسبب تهيجاً في الأنسجة (كالمواد الكبريتية في البصل) ومسببات للحساسية ، إلى مواد مطفرة (تسبب تغيراً في التراكيب الوراثية) ومسرطنة أحياناً. من هذه المواد ما يؤثر على الكبد والكلى والجهاز التناسلي والجهاز العصبي وجهاز الدورة الدموية. هذه الماد توجد عادة بتركيزات منخفضة.
• كيف يتم تقييم سمية هذه المواد؟
معظم الدراسات التي عملت على هذه المواد كانت على حيوانات التجارب باستخدام تراكيز مرتفعة من المادة المعنية أو المستخلصات المركزة، وهذا بطبيعة الحال يختلف عن تناول الأغذية النباتية التي تحتوي على المادة المراد تقييم ضررها، وحيث توجد معها مركبات أخرى يمكن أن يكون لها تأثير مضاد، وهذا ما أثبتته كثير من الدراسات .. وعليه يجب أن نفرق بين تناول هذه المواد بحالتها الطبيعية مع الأجزاء التي تؤكل من النبات وبين تناولها مركزة في مستخلصات الزيوت الطيارة مثلا.
• بماذا ينصح لتجنب الآثار السلبية لهذه المواد الضارة؟
عند تخطيط الوجبات الغذائية يجب أن تكون القاعدة هي الاعتدال في تناول الأغذية التي تحتويها، مع التنويع وعدم المداومة على تناول أنواع محددة وبكميات كبيرة .. ، وتتضح أهمية ذلك بصفة خاصة بالنسبة للحوامل والأطفال والفئات الحساسة الأخرى.
وتتضح خطورة ذلك عندما نعلم أن الحيوانات تتعرض للنفوق أحياناً بسبب تناول نباتات تحتوي أنسجتها على مواد سامة بكميات مفرطة. كما لوحظ انتشار العقم بين الماشية في بعض مناطق استراليا عند تغذيتها على نباتات تحتوي على مواد سامة.
• وماذا عما أثير في وسائل الإعلام عن احتواء أنواع من النعناع على مادة البوليجون المضرة بالصحة؟
من المعروف وجود مادة البوليجون بنسب متفاوتة في أنواع من النعناع كأحد مكونات زيته العطري الذي لا يزيد تركيزه في النباتات عادة على (2%) بالوزن من النبات الأخضر (الطازج). ولم يثبت بالدليل القطعي أن استهلاك الشاي المحتوي على أجزاء من نبات النعناع باعتدال يضر بالصحة في الأحوال العادية.
• هل يعني ذلك أن استخدام زيت النعناع مأمون أيضا؟
يجب عدم الخلط بين استخدام النبات بحالته (طازجا) كمنكه للمشروبات أو الأطعمة، واستخدام الزيوت المستخلصة منه، والتي يصرح باستخدامها بنسب محدودة كمضاف غذائي.
• هل سبق أن تم تقييم سلامة وجود مادة البوليجون في الأغذية؟
نعم - فاللجنة المشتركة لخبراء منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة تعتبر أن وجود البوليجون في الأغذية لا يؤثر على سلامتها، وفي الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر المادة مأمونة بصفة عامة كمادة يمكن إضافتها للأغذية بنسب محددة، والاتحاد الأوروبي أيضاً له موقف مشابه لذلك.
• فهل يعني ذلك أن تضاف بأي كمية للغذاء حسب ذوق المستهلك؟
على العكس تماما، فمادة البوليجون يصرح بوجودها في الأطعمة والمشروبات والحلويات وفي مواد التجميل بنسب محددة تقررها الجهات الرقابية، ويجب الاحتراس من تخطي تلك الحدود – بحيث لا يزيد الاستهلاك اليومي منها على (4 ملجم/كجم) من وزن الجسم (منظمة الصحة العالمية ومنظمة الزراعة والأغذية –عام 2000).
• وما الداعي للاحتراس من تخطي تلك الحدود؟
إن تناول الكميات الزائدة من البوليجون (ويحدث ذلك عادة عند استخدام زيت النعناع الغني بالبوليجون) يشكل خطورة على من يتناوله، وتؤثر بالدرجة الأولى على الكبد، ويلزم الحذر التام من تناول الأطفال لزيت النعناع، حيث يشتد تأثيره عليهم.
• فما طبيعة الضرر الذي قد ينجم عن ذلك؟
عند تناول البوليجون وأشباهه يمتصها الجسم سريعاً لتدخل في دورة التمثيل الغذائي وترتبط مؤقتاً في الكبد ومن ثم يتم التخلص منها عن طريق الكلى، لكن عند تناول جرعة كبيرة منه تؤدي للتسمم الحاد في الكبد. كما أن تناول البوليجون بكميات زائدة لفترات طويلة قد يسبب الإجهاض.
ومرة أخرى يجب الانتباه إلى أن تلك الأضرار يسببها تناول الزيوت العطرية المستخلصة من النعناع، وليس نبات النعناع.
ولكن وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الطعام والشراب اليومي متوازناً دون المغالاة في تناول أي صنف اعتماداً على أنه طبيعي، بما في ذلك النعناع، لأن المواد الطبيعية قد تحتوي مواد ضارة بنسب ضئيلة يمكن أن تصبح سامة عندما يتم تناولها بكميات غير عادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق