اتباع نظام غذائي منخفض السعرات يؤدي إلى خفض الوزن
نيويورك: جينا كولاتا*
هل السعرات هي فعلا مجرد سعرات؟ هل للسعرات التي تأتي من المشروبات الصحية نفس التأثير الذي يخلفه نفس عدد السعرات المأخوذ من تفاحة أو قطعة من الدجاج على طول محيط خصر الإنسان؟
لعدة عقود كان يجري تداول ذلك التساؤل بين الباحثين، ناهيك عن المتخصصين في الحمية الغذائية، ولكنه اكتسب زخما جديدا في إطار دراسة تم نشرها مؤخرا في «المجلة الطبية الأميركية» أشارت إلى أنه بعد فقدان الوزن، يحرق الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية تحتوي على قدر عال من الدهون والبروتين قدرا أعلى من السعرات الحرارية عن هؤلاء الذين يتناولون قدرا أعلى من الكربوهيدرات.
وقد سألنا الدكتور جولز هيرش، الأستاذ الفخري والرئيس الفخري بجامعة روكفلر الذي كان يعمل على دراسة البدانة لمدة تزيد على 60 عاما حول تلك الدراسة. وكان الدكتور هيرش، الذي لا تربطه علاقة بالشركات الدوائية أو صناعة الحمية، قد أعد عددا من البحوث التي ترصد أسباب صعوبة فقدان الوزن وسبب عودته مرة أخرى.
خسارة الدهون والماء
- ما فعلوه في تلك الدراسة هو أنهم جاءوا بـ21 شخصا وجعلوهم يتبعون نظاما غذائيا جعلهم يخسرون نحو 10 إلى 20 في المائة من وزنهم. وبعدما انخفض وزنهم وضعوا كل فرد على نظام مختلف من بين ثلاثة أنظمة لتثبيت ذلك الوزن.
أحد هذه الأنظمة منخفض الكربوهيدرات ومرتفع الدهون وهو نظام «أتكنز»، والآخر مناقض لذلك - فهو مرتفع الكربوهيدرات ومنخفض الدهون، ويقع النظام الثالث بينهما.. ثم قام معدو الدراسة بقياس إجمالي الطاقة المستهلكة - في السعرات المحروقة - والطاقة المستهلكة أثناء الراحة.
وأفادت الدراسة بأن الأشخاص الذين اتبعوا نظام «أتكنز» كانوا يحرقون قدرا أعلى من السعرات.. ومن ثم كان النظام الغذائي جيدا. وعادة ما تحقق مثل تلك الأنظمة منخفضة الكربوهيدرات نتائج سريعة في خسارة الوزن مقارنة بالأنظمة التي تحتوي على نفس القدر من السعرات الحرارية ولكنها تحتوي على المزيد من الكربوهيدرات. ولكن عندما يكون مستوى الكربوهيدرات منخفضا في النظام الغذائي ويكون هناك قدر مرتفع من الدهون، يخسر الجسم الماء.
وفي العادة يكون المقياس هو السعرات الحرارية لكل وحدة من كتلة الجسم الخالية من الشحم - أي جزء الجسم الذي لا يتكون من الدهون. وعندما يخسر الجسم الماء تنخفض كتلة الجسم الخالية من الدهون، ومن ثم تتزايد السعرات لكل وحدة في كتلة الجسم الخالية من الشحوم. إنها مسألة رياضية.. فليس هناك سحر أو أي ميزة لمتخصصي التغذية، فالماء وحده، وليس الدهن، هو الذي يخسره الجسم.
ولم تقدم الدراسة أي معلومات حول كيفية عمل تلك الحسابات، ولكن ذلك هو التفسير المرجح للنتيجة.
* إذن، فربما يكون الأمر برمته وهميا، فكل ما حدث هو أن الناس خسروا الماء مؤقتا في الأنظمة الغذائية التي تحتوي على قدر عال من البروتينات.
- ربما يكون الوهم الأكثر أهمية هو الاعتقاد بأن السعر الحراري ليس سعرا حراريا في ذاته ولكنه يعتمد على كمية الكربوهيدرات التي يتناولها الشخص. هناك قانون صارم للفيزياء: فالطاقة التي تدخل يجب أن تساوي تماما عدد السعرات التي تغادر النظام إذا لم يتغير مخزون الدهون. وتغادر السعرات النظام عندما يتم استخدام الطعام لتشغيل الجسم.
ولتقليل محتوى الدهون - تقليل البدانة - يجب على المرء أن يقلل السعرات التي يتناولها أو يزيد المخرجات عبر زيادة النشاط الحركي أو أن يقوم بالأمرين معا.. وذلك صحيح سواء كانت تلك السعرات آتية من القرع أو حبوب الفول السوداني أو كبد البط.. فإيمانك بغير ذلك يماثل إيمانك بإمكانية العثور على آلة للحركة المستمرة يمكنها أن تحل لنا مشكلات الطاقة. فذلك لن يفلح، كذلك فإن تغيير مصدر السعرات التي نحصل عليها لن يمكننا من عرقلة قوانين الطبيعة.
استجابة الإنسان للغذاء
- قمت أنا والدكتور رودوف ليبل، الباحث في البدانة بجامعة كولومبيا، باصطحاب مجموعة من الناس ذوي الأوزان الطبيعية وجعلناهم يقيمون في المستشفى حيث قمنا بالتلاعب ببعض السعرات التي نقدمها لهم للحفاظ على أوزانهم ثابتة تماما وهو أمر ليس باليسير. وهو ما استطعنا تحقيقه عبر أنظمة غذائية من السوائل تحتوي على محتوى معروف من السعرات الحرارية.
وبالفعل تمكنا من الحفاظ على ثبات عدد السعرات، حيث كنا نقدم لهم دائما مقدارا من السعرات يمكنه الحفاظ على ثبات أوزانهم. ولكننا غيرنا تماما قدر الدهون والكربوهيدرات التي يحصلون عليها، فبعضهم لم يحصل على أي كربوهيدرات على الإطلاق، بينما لم يحصل البعض الآخر على الدهون.
* ما الذي حدث؟ هل يكتسب الناس فجأة الوزن أو يفقدونه عندما يحصلون على نفس السعرات الحرارية من خلال نظام غذائي مختلف العناصر؟
- كلا.. فلم يكن هناك أي فارق على الإطلاق بين الأنظمة الغذائية عالية الدهون ومنخفضة الدهون.
صعوبة فقدان الوزن
- ما يفعله الجسم هو استشعار قدر الطاقة المتاح للطوارئ وللاستخدام اليومي. ومخزون الطاقة هو المقدار الكلي للنسيج الدهني في أجسامنا. ونحن نعلم الآن أن هناك عددا كبيرا من الهرمونات التي تقيس باستمرار مقدار الدهن الموجود لدينا.. ومن ثم تدفعنا أجسامنا لتناول المزيد أو لعدم تناوله نظرا لآلية الاستشعار تلك.
* ولكن إذا كانت لدينا آلية الاستشعار تلك، فلماذا أصبح الناس أكثر بدانة اليوم من ذي قبل؟
- تحتوي آلية الاستشعار الرائعة تلك على عناصر وراثية وعناصر بيئية، ومن ثم فإنها تتشكل في بداية الحياة. وليس مؤكدا مدى تشكل تلك الآلية قبل الولادة وإلى أي حد تتأثر بالطعام أو غيره من العوامل في بداية الحياة. وهناك العديد من الاحتمالات ولكنها ليست مؤكدة.
* إذن بالنسبة للعديد من الناس، هناك شيء حدث في بداية الحياة قام بضبط آلية الاستشعار لديهم على طلب المزيد من الدهون لأجسادهم.
- أجل.
* ما الذي يمكنك أن تقوله لمن يرغب في أن يفقد الوزن؟
- أخبرهم بأن يتبعوا نظاما غذائيا منخفض السعرات.. فيجب أن يتناولوا ما يأكلونه بشكل طبيعي ولكن بمقدار أقل. ويجب أن يتم ضبط ذلك بعناية.. فعليك أن تأكل أقل قدر ممكن وأن تمارس نشاطا حركيا.
* أليس هناك نظام غذائي سحري، أو حتى نظام مفضل؟! - كلا، هناك بعض الأنظمة الأفضل أو الأسوأ لأسباب طبية، ولكن ليس من منطلق السيطرة على الوزن.
* خدمة «نيويورك تايمز»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق