ستة من أخطر الأمراض ترتبط بالمشروبات الغازية
أخصائي إدارة سلامة وجودة الأغذية
م. ايمن قاسم الرفاعي
(الصحة الغذائية)؛ على مدى سنوات، كرر دعاة الصحة الطبيعية مراراً وتكراراً الرسالة التي تقول “أن مشروبات الصودا
(المشروبات الغازية) تسبب مرض السكري والسمنة“، لكن صناعة المشروبات الغازية، وفي الوقت نفسه، ظلت في موقف
الرفض، مما يعد انعكاسا لموقف مثير للسخرية كحال صناعة التبغ عندما تدعي أن “ النيكوتين لا يسبب الإدمان“، وذلك من خلال
إدعاء أهل صناعة المشروبات الغازية “ أن الصودا لا تسبب مرض السكري“، وأنها آمنة تماما لتستهلك كميات غير محدودة
أساسا.
وقد انضمت لحملة الرفض هذه رابطة مصافي الذرة في عملية نسج لحملة دعائية تسعى إلى إقناع الناس بأن شراب الذرة عالي
الفركتوز (الهيدروفلوروكربونات – HFCs) هو شراب طبيعي تماماً وغير ضار على الإطلاق، حيث أن الهيدروفلوروكربونات
هو ، بطبيعة الحال ، المحلى الأساسي المستخدم في تحلية المشروبات الغازية بشكل عام.
في حين، يأتي اليوم بحث جديد قدم لجمعية القلب الأمريكية لعلم الأوبئة والأمراض القلبية الوعائية الوقائية في مؤتمرها السنوي
في سان فرانسيسكو، يكشف هذا البحث الجديد وعلى مدى العقد الماضي، أن استهلاك المشروبات الغازية قد تسبب بإصابة أعداد
كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية فقط:
130.000 حالة جديدة من مرض السكري.
14.000 حالة جديدة من مرض القلب.
وما يزيد عن 50.000 مصاب بأمراض القلب “خلال سنوات حياتهم”على مدى العقد الماضي
وقال كبير العاملين في الدراسة الدكتور كيرستين بيبنز دومينغو استاذ الطب في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو ( وتشير
النتائج إلى أن أي نوع من السياسات التي قد تقلل من استهلاك المشروبات الغازية قد يكون لها فائدة صحية كبيرة وجذرية
التغيير).
في حين تقف جمعية المشروبات الأميركية في وجه هذه الدراسة وتقول، إن هذه الدراسة لم تنشر بعد في المجلة الطبية
لاستعراض الأقران، وبالتالي فإنه لا يؤخذ بها، وتدعي الجمعية إن استهلاك المشروبات الغازية لا يسبب مرض السكري أو
أمراض القلب، لأن “كلا من أمراض القلب والسكري لها ظروف معقدة ولا يوجد سبب واحد لها وبالتالي ليس هناك حل واحد“.
يا له من منطق سخيف (بحسب بالمصدر)، بالطبع وبشكل جلي أن لأمراض السكري سبب لحدوثها، إنها ليست أمراض عفوية
تظهر من العدم، فلو رحت تبحث عن السبب، فإنك وبشكل قطعي لما كان مرض السكري هو من الأمراض المتصلة باستهلاك
واستقلاب السكريات الغذائية سوف تنظر إلى العوامل الغذائية، وعندما تقوم بذلك، فإن مشروبات الصودا على الفور سترفع العلم
الأحمر وذلك لأنها سوائل سكرية عالية التركيز بصورة لا وجود لها بطبيعة الحال في الطبيعة.
(الهيدروفلوروكربونات) لا تنمو على الأشجار، وبعبارة أخرى، توفر الطبيعة السكريات حبيس ألياف غير قابلة للذوبان والتي
تتميز ببطء هضمها، وانخفاض فعالية مؤشر نسبة السكر في الدم للسكريات المستهلك، وفي الطبيعة، تقترن السكريات دائما
بالمعادن، وأيضا، فإن كثير من تلك المعادن تساعد على منع حدوث مرض السكري وأمراض القلب، لكن شراب الذرة عالي
الفركتوز (الهيدروفلوروكربونات) خالي تقريبا من جميع تلك المعادن، كما أنه لا يحتوي على الألياف والمغذيات النباتية التي تحمل
صفة شفائية والتي تتواجد في النباتات، كنتيجة لذلك، فإن (الهيدرو فلورو كربونات) – أو كما يطلق عليها اسم “سائل الشيطان”
– يمكن أن يطلق عليها السم الغذائي الذي يسبب المرض، من خلال مساهمتها في إحداث نقص التغذية الذي يعجل حدوث المرض.
ترقق وهشاشة العظام
من المثير للاهتمام أن هذه الدراسة الجديدة لم تنظر في خسارة كثافة العظم، والذي هو أحد الآثار الجانبية للمشروبات الغازية،
نظراً للحموضة العالية جداً لخليط سائل سكر الذرة عالي الفركتوز مع حامض الفوسفوريك المستخدم في المشروبات الغازية، إن
الأشخاص الذين يشربون المشروبات الغازية كثيراً ما يفقدون المعادن التي في عظامهم لينتهي بهم المطاف إلى تشخيص مرض
هشاشة العظام لديهم حتى في سن صغيرة نسبياً، في حين ينتهي المطاف بمجموعة أخرى من الناس إلى حصوات في الكلى نتيجة
لتجميع هذه المعادن المسحوبة والتي تمر عبر الكليتين وتساهم في تراكم الترسبات المعدنية هناك. وكذلك فإن المستهلكين
للمشروبات الغازية لفترات طويلة قد يعانون من سرطان البنكرياس بسبب الضغط الشديد الذي طبق على البنكرياس من استهلاك
السكر السائل.
وفي كل الحالات، إن استهلاك المشروبات الغازية يرتبط بما لا يقل عن ستة من الأمراض الخطيرة:
1) مرض السكري
2) السمنة
3) أمراض القلب
4) السرطان
5) ترقق العظام
6) حصى الكلى
وهذا هو السبب في أن الضرائب المفروضة على المشروبات الغازية في الولايات المتحدة عالية جداً وهي أكثر من مجرد وسيلة
لجمع المال من خلال بيع المشروبات الغازية فهي أيضا وسيلة لتخفيض التكاليف الهائلة المدفوعة لعلاج هذه الأمراض التي تنشأ
عن المشروبات الغازية.
لكن وبكل أسف، رغم نتائج هذه الدراسة وغيرها من الدراسات التي تكشف مساوئ وأضرار هذه المشروبات، ليس هناك جهة
رسمية أو حتى أهلية أي يكن مستوى سلطاتها او تأثيرها تتنبه لهذا الخطر العظيم الذي يهدد حياة البشر في بلادنا واقتصادياتنا
الهزيلة أصلا، فانتشار هذه المشروبات وغيرها من الأغذية الغثة بات كالنار في الهشيم، فحيث يتوجه الغرب صاحب هذه
المنتجات حالياً للتنبيه لأخطار هذه المشروبات وضررها على الإنسان والمجتمع ويحارب انتشارها ويفرض القيود على
صناعاتها، أصبحنا نحن في البلدان العربية أكثر شراهة واستهلاكاً لها، نروج لها بشتى أنواع الدعاية المغرية والمثيرة ونحفز
الناس والشباب منهم بشكل أساسي للتمتع باستهلاك هذه المشروبات السامة (والتي يقال عنها ببساطة “أخطر ما صنع البشر“)،
لذا لا بد من وقفة حقيقية وصحوة رسمية وأهلية لمواجهة هذا الخطر الصحي الذي يهدد مجتمعاتنا، وبداية من خلال الحد ومنع
الترويج لهذه المشروبات من خلال الدعاية والإعلان، من ثم إطلاق الأبحاث العلمية التي تتغذى بتجارب العالمية لتثبت الضرر
الكبير الذي ينشا عن مثل هذه المشروبات واتخاذ موقف جاد رسمي وقانوني تجاهها ومحاربتها والقضاء عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق