الاثنين، 5 نوفمبر 2012

كريول شيشة.. مشروب برائحة فنزويلا



عندما تزور كراكاس سيكون القدح رفيقك


كراكاس (فنزويلا): كارمن سيرنا عندما يسير أي شخص في شوارع أي من مدن فنزويلا، بإمكانه أن يكتشف أن ثمة صورة تتكرر في جميع أركان المدينة المركزية: بائع شيشة، يعلن عن بيعه هذا المشروب المنعش، البديل غير الكحولي للمشروب الشهير القادم من أميركا الجنوبية: «شيشة!».

في واقع الأمر، لا يمكن السير في مدينة كراكاس القائظة من دون أخذ استراحة واحتساء قدح من الشيشة. إضافة إلى ذلك، فإنه من السهل إيجاد هذا المشروب معقما بنفس المواد المستخدمة في العصائر وأنواع الـ«ميلك شيك» والعبوات الصناعية المتوفرة في المتاجر والأسواق الكبرى.

فعليا، تعتبر كلمة «الشيشة» هي الاسم الذي استخدمه المواطنون ما قبل الغزو الإسباني في الإشارة إلى شراب مقدس استخدمه الكهنة في طقوسهم الدينية، قبل فترة طويلة من وصول الغزاة الإسبان إلى تلك الأراضي.

وفي واقع الأمر، كانت تتم عبادة الآلهة «إنتي» و«ويراكوتشا» و«باتشاماما» و«أبوس» من خلال طقوس وشعائر مستفيضة، وكان شراب الشيشة جزءا هاما لا يتجزأ من طقوس العبادة.

على الجانب الآخر، تناول الشعب الكولومبي الشيشة بهدف تخفيف حدة الألم الناتج عن العقوبات الشديدة، وفي تجديد نشاط عضلاتهم المتعبة من حضارة بقت من خلال الجهود المضنية والمستمرة لشعبها أثناء هذه القرون.

وبحسب بعض المؤرخين الإخباريين في القرن السادس عشر، مثل غيرولامو بينزوني، كانت النساء تتحملن مسؤولية صنع هذا الشراب: «كن يأخذن قليلا من الذرة، ويقمن بتطريتها في قدر، ثم يمررنها لأخريات ممن تقع على عاتقهن مهمة مضغها ببطء وبصقها بقوة، مثل الكحة، في صحن.

بعدها، يضعنها في وعاء مع المزيج المتبقي، وفي حالة عدم القيام بذلك، فسيصبح هذا نوعا من الخمور. وفي نهاية الأمر، تغلي الذرة لمدة ثلاث أو أربع ساعات وتترك حتى تبرد وتفرد باستخدام قطعة قماش. يصبح الشراب ممتازا بحيث يسكر كما لو كان نبيذا».

كان هذا العمل، بحسب هؤلاء المؤرخين، يترك للنساء المتقدمات في العمر ويثير بعض مشاعر الكراهية والاشمئزاز بين الوافدين الجدد الإسبان، بسبب افتقارهم إليه.

كان هذا الشراب الذي عزز حالة الغيبوبة لدى الكهنة يحتوي على الكحول، حيث كان يعد من الخميرة المشتقة بالأساس من الذرة غير المقطرة والحبوب الأخرى التي تزرع في أميركا. وبعد قرون، تحول شراب «الشيشة» إلى بعض الأنواع الأخرى من السوائل من دون وجود الكحول، من خلال الاستعاضة باللبن أو الأرز أو بعض الفواكه عن تخمير الذرة، باختلاف الدول.

في الوقت نفسه، تم نقل وصفة هذا الشراب الرغوي، الذي يحتوي على قيمة غذائية عالية، من الهنود إلى الهنود، ثم إلى الشعب الإسباني والكريولي (نزلاء أميركا القدماء من فرنسا وإسبانيا) وأصبحت الوسيلة التقليدية لتقليد المشاركة وطريقة لإطفاء الشعور بالعطش.

على وجه الخصوص، تعتبر الشيشة في فنزويلا شرابا يعد من الأرز، وفي بعض الأحيان من لبن الأبقار، مع إضافة حليب مكثف وفانيليا أو قرفة بهدف تحسين مذاقه. على أية حال، في الشوارع أو في المنزل، من المعتاد تناول هذا الشراب مع ثلج بارد سميك جدا يولد شعورا بالانتعاش.

تعتبر طريقة إعداد هذا الشراب سهلة، ومع ذلك، يجب الوضع في الحسبان أنه يحتاج 24 ساعة لإعداده قبل تقديمه. بالنسبة للتر من شراب الشيشة، نحتاج لنصف كوب من الأرز و800 ملليلتر ماء وثلاثة أرباع كوب من اللبن المكثف وقرن فانيليا وملعقتين صغيرتين مستخلص الفانيليا (أو عود قرفة، حسب المذاق المرغوب في إضافته إلى الشراب) وذرة ملح.

هناك أيضا شكل آخر من هذا الشراب يحل فيه السميد (لباب الدقيق) محل الأرز، والذي يعرف باسم «شيشة باستا»، وهو أقل شيوعا بين الشعب الفنزويلي. وهو ينتج عجينا أقل في مستوى جودته (مزيج من الدقيق والقمح) وأكثر سمكا.

مثلما ذكرنا، أول شيء يتعين علينا القيام به هو نقع الأرز لمدة 12 أو 24 ساعة. بعدها، يغسل الأرز ويوضع في قدر صغير، ويضاف قدر كاف من الماء بحيث يغطي كمية الأرز بأكملها. وبعد الساعات التي يجب أن يظل الأرز منقوعا فيها، نقوم بطهيه لمدة 30 دقيقة، مع إضافة عود قرفة في درجة حرارة متوسطة. وعند نضج الأرز، نرفعه من على النار ونتركه ليبرد في لحظة إعداد شراب الشيشة، يتعين علينا تجفيف الأرز وطحنه.

في النهاية، يمكن إضافة اللبن المكثف والسكر والفانيليا (تعتمد الكمية على المذاق) والماء بهدف سحقه ببطء لإذابة السكر ولكي يظل الخليط ممتزجا بشكل جيد. يقدم شراب الشيشة في أكواب زجاجية مع الثلج المجروش، مع رش القرفة لإضافة مذاق جيد.
وبعيدا عن شراب الشيشة الفنزويلي، فقط في بيرو، توجد أشكال أخرى كثيرة لهذا المشروب تستخدم فيها كثير من أنواع الفواكه المختلفة في إعداد مشروبات متنوعة في ألوانها ومذاقاتها: وأهمها شراب الشيشة الأرجواني، الذي يعد من الأناناس، وشراب آخر يعد من التفاح، وآخر باللبن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق