الأحد، 20 مايو 2012

«ديونا».. أول مطعم «صحي» في مصر



المثقفون غذائيا أهم زبائنه وتحليل طبي يسبق الأكل

القاهرة: ميادة حافظ
«ديونا».. ليس مطعما بالمعنى المعتاد، إنما هو مشروع صحي في المقام الأول، فهو أول مطعم للطعام الصحي ونشر الثقافة الغذائية السليمة في مصر، وعلى الرغم من أن هذه النوعية من المطاعم غير مألوفة، فإن القائمين عليه أصروا على خوض التجربة لعلها تكون الخطوة الأولى نحو انتشارها.

يقدم المطعم، الكائن بضاحية مدينة نصر، وجبات تتناسب مع طبيعة عمل زبائنه ونشاطهم اليومي، من خلال متخصصين في علوم التغذية العلاجية والطهي الصحي، حيث نبعت فكرة المطعم من ثقافة الغذاء الخاطئة لدى العرب بشكل عام، والمصريين بشكل خاص، التي تحتاج إلى الكثير من التعديلات، بحسب أصحاب المطعم، فالطعام الصحي لا يعني الحرمان أو قائمة من الأكل الممل عديم الطعم، بل هو الطعام المطهي بشكل صحي وباستخدام كميات قليلة جدا من الدهون والسكريات.

ويشير الصفتي، مؤسس المطعم، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أكثر ما جعله يفكر في إنشاء «ديونا» هو انتشار الكثير من الأمراض التي يعود سببها إلى السمنة، والتي من أهمها الضغط والسكر وأمراض الذبحة الصدرية والكثير من أمراض العظام والجهاز التنفسي، وبالتالي كان لا بد من التفكير في مشروع لتثقيف الناس غذائيا وتعديل ثقافة الغذاء بعد أن تسببت السمنة في هذا الكم من الأمراض.

كما جاءت الفكرة بعد أن شاهد صاحب المطعم هذه النوعية من المطاعم في كندا وأميركا وغيرهما من الدول العربية والأجنبية، وتقوم على تحديد السعرات الحرارية المناسبة لكل شخص، بحيث يحصل على الوحدات التي يحتاجها جسمه فقط، ليس أكثر أو أقل، وذلك من خلال الاستعانة بمتخصصين في التغذية العلاجية و«طهاة» مدربين على ذلك، فالسبب الرئيسي لزيادة الوزن هو تناول كميات أكبر من احتياج الجسم، وبالتالي لا يستهلك الجسم كل ما يتناوله، ويبدأ في تخزينه في صورة دهون.

ويضيف الصفتي أن الطعام هو المحور الأساسي لحياة الإنسان، وهو ما يستوجب الحذر من الفوضى في تناول الطعام، فلا بد من تنظيم مواعيد الأكل كشرط أول وأساسي للطعام الصحي، وأيضا لا بد أن يفكر الإنسان جيدا قبل أن يأكل، ولا يأكل كل شيء يجده في طريقه، كما أن هناك الكثير من المعلومات الخاطئة لدى الناس، فهناك قواعد لا بد أن تحكم الأكل، أهمها نوعية الأكل وطريقة طهيه، والأواني المستخدمة في ذلك، والكمية التي يحتاجها جسمه، والمواعيد التي يتناول فيها طعامه، إلى جانب المرحلة العمرية والنشاط اليومي الذي يقوم به.

لذا، يقوم «ديونا» على إعداد الطعام بما يتناسب مع كل شخص يتعامل مع المطعم، وإرساله له على المنزل «ديليفيري»، بمعنى أنه مطعم لتوصيل الطلبات للمنازل وليس لاستقبال الزبائن لتناول الأكل بداخله.
وعن نوعية الأكل المقدم يقول الصفتي إن المطعم أنشئ أساسا للأكل الصحي، وليس أكل الحميات الغذائية (الريجيم)، فالهدف الأساسي منه هو الحفاظ على الصحة من خلال برامج تغذية سليمة قبل التخسيس أو إنقاص الوزن، وطالما أن الصحة جيدة فإنقاص الوزن سيكون أفضل.

وفيما يتعلق بالأكل الصحي يؤكد الصفتي أن هناك الكثير من الدراسات والأبحاث التي تضم معلومات هامة جدا لا بد أن يعرفها الجميع حتى يكون طعامه صحيا، أهمها على سبيل المثال كيفية اختيار ثمار الفاكهة والخضراوات السليمة والصحية، كما أن درجات الحرارة الأفضل لطهي الخضراوات بين 70 و80 درجة مئوية؛ حتى لا تفقد العناصر الغذائية الهامة والفيتامينات، بالإضافة إلى أن كل نوع من أنواع اللحوم يحتاج في نضجه إلى درجة حرارة معينة، فاللحوم الحمراء تختلف عن البيضاء، كالأسماك والدجاج، حتى لا تفقد قيمتها الغذائية بمجرد طهيها بشكل غير صحي، أما بالنسبة للأواني فأفضل الأنواع هي الفخار والزجاج، أما الألمونيوم فهو الأسوأ على الإطلاق.

كذلك فاستخدام الزيوت بشكل خاطئ يدمر ويؤدي لسرطانات، كما أن الدهون المشبعة خطيرة وتنجم عنها مشكلات صحية كثيرة، أما الدهون غير المشبعة فأفضل وأفيد للجسم، فيما عدا الزيوت المهدرجة وزيوت النخيل، ومن أفضل الزيوت الخاصة بالطهي زيوت الزيتون والذرة فقط.

أما اختصاصي التغذية العلاجية والمسؤول عن العمل داخل المطعم، الدكتور وائل عبد الحميد، فيقول: «نبدأ بعمل تحليل لكل عميل يرغب في التعامل مع المطعم، وذلك لتحديد نسبة الماء والدهون في الجسم، بالإضافة إلى عدد السعرات الحرارية التي يستهلكها جسمه يوميا، وبناء عليه يتم تحديد كمية ونوعية الطعام الذي يأكله، بحيث لا يزيد ولا يقل عن احتياجاته اليومية».

ويضيف أن الهدف الأساسي للمطعم هو تناول الغذاء الصحي من دون حرمان، بحيث يأكل الشخص كل أنواع الطعام، بما في ذلك السكريات والدهون، ولكن بنسب مقننة ومحسوبة بالغرامات، ويتم وضع نظام غذائي لكل شخص وفقا لنوعية الطعام التي يحبها بعد معرفة معلومات عن الأنواع التي يفضلها، وبالتالي يكون الغذاء ممتعا وصحيا في الوقت نفسه، وبما يتيح إنقاذ الوزن ما بين 3.5 و5 كيلوغرامات شهريا.

ويضيف د. وائل أن النظام الذي يقدمونه في المطعم يعتمد على تناول 5 وجبات يوميا، 3 منها رئيسية ووجبتان «سناك» تضم حلويات أو فواكه. كما يؤكد أن النوم 8 ساعات يوميا «ليلا» وشرب كميات كبيرة من المياه، بالإضافة إلى الحركة، له دور فعال في نجاح النظام الغذائي. ويوضح أن الأشخاص المثقفين غذائيا هم الأكثر إقبالا على المطعم، على اعتبار أن هذا النظام هو الأنسب والأفضل صحيا لكل الناس، خاصة أن المطعم يعمل بمبدأ «الحفاظ على الوزن والصحة وتناول الغذاء المحبب في آن واحد».

أما عن طريقة طهي الغذاء بشكل صحي، فيقول الشيف عبد الغني صلاح، كبير الطهاة في «ديونا» والذي يشرف على فريق مكون من 7 طهاة آخرين: «ليس أي شيف قادرا على الطهي بشكل صحي، فأكثر ما يهم أي شيف هو شكل وطعم ما يقدمه من أطعمة دون النظر لكمية السعرات الموجودة به، لذلك حصلنا على تدريبات بأحد مراكز التخسيس في لبنان قبل البدء في العمل بالمطعم الصحي».
ويبين أن المطعم يقدم كل الأكلات، بما في ذلك المقليات والحلويات وغيرها، ولكن بشكل صحي، من خلال الاستبدال بالمواد الضارة صحيا ما هو أقل ضررا، فمثلا في القلي لا يستخدم الزيت الغزير بل يستبدل بالزيوت البخاخة «سبراي»، كما يستبدل بالسكر العادي الفركتوز، وتستخدم الألبان والكريمات منزوعة الدسم، وبالتالي يتم عمل كل أنواع الأطعمة والمحاشي والحلويات والعصائر وغيرها، ولكن بأقل عدد ممكن من السعرات.

ويوضح كبير الطهاة الاهتمام باستخدام التوابل لإعطاء المذاق المطلوب للطعام، وبالتالي لا يكون هناك فرق بينه وبين الطعام مرتفع السعرات، ويؤكد ضرورة نشر ثقافة الغذاء الصحي لأن «الإنسان هو ما يأكله».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق