الاثنين، 23 أبريل 2012

انفلات غذائي أميركي.. يهدد صحة الجميع



ازدياد عدد السعرات الحرارية في الأطعمة الرخيصة المنتشرة
نيويورك: جين برودي* 
يحمل الأميركيون شغفا كبيرا لشيء لا يستطيعون رؤيته أو سماعه أو لمسه أو تذوقه. هذا الشيء هو السعرات الحرارية التي تستهلك منها المليارات والمليارات كل يوم، بين الوجبات، دون قصد على الأغلب.

سعرات حرارية السعرات الحرارية مثار نقاش دائم، حيث تتكرر المعلومات الخاصة بها بشكل دائم على ملصقات وقوائم الطعام والوصفات والمواقع الإلكترونية، لكن عددا قليلا من الأفراد يدركون ماهية هذه السعرات الحرارية وكيفية عملها، خاصة كيفية عملها لتشكيل شعب يعاني فيه 64 في المائة من البالغين وثلث أطفاله من السمنة، أو كيفية إحباطها لجهود الكثير من الأفراد للتخلص من هذه الكيلوغرامات غير المرغوبة والتخلص منها إلى الأبد. هنا يأتي دور عالمين، هما: الباحثة ماريون نستله، أستاذة التغذية ودراسات الصحة العامة في جامعة نيويورك، والباحث مالدين نيشايم، أستاذ علوم التغذية المتفرغ في جامعة كورنيل، اللذان ألفا كتابا جديدا تحت عنوان «لماذا حساب السعرات الحرارية: من العلم إلى السياسة؟»، نشر في الأول من أبريل (نيسان)، ويشرح ماهية السعرات الحرارية ومصدرها والمصادر المختلفة التي تؤثر على الجسم، والسبب في سهولة استهلاك الكثير منها عما يحتاجه غالبية الأفراد للوصول إلى الوزن الصحي والحفاظ عليه.

وجاء في كتابهما أن «الجسم الإنساني يقوم بوظيفة التأكد من أنه يحصل على السعرات الحرارية لتلبية الاحتياجات البيولوجية، لكنه أقل فاعلية في معرفة متى تكون السعرات الحرارية مبالغا فيها. والنتيجة هي أنه من السهل للغاية الإفراط في تناول الطعام، عن التوقف لتناول الطعام عندما تكون جائعا لفترة طويلة».
انفلات غذائي
* wwتشير الدكتورة نستله، خلال المقابلة التي أجريت معها، إلى أن الأفراد الذين يعيشون في مجتمعات غنية اليوم يسبحون في بحر من السعرات الحرارية الزائدة عن الحاجة. فالطعام في كل مكان، ولذلك فهو رخيص نسبيا، وتشكل النفقات عليه نحو 10 في المائة من دخل الأميركيين في المتوسط.
وقالت: «متى أصبح مباحا تناول الطعام في متاجر الكتب أو في المتاجر أو السرير أو الحمام أو متاجر الأدوية؟». وأشارت إلى أن حجم الطعام - خاصة طعام المطاعم - تضخم حتى خرج عن السيطرة. 

وأضافت أن «الأشخاص الذين يهتمون ببطاقات السعرات الحرارية على قوائم الطعام يصدمون، على سبيل المثال عندما يكتشفون أن بسكويتة واحدة تشتمل على 700 سعر حراري. ربما ترغب في تناول هذه الكعكة، لكنك حينئذ لن تتمكن من أكل أي شيء آخر؛ فالكعك ليس بهذا الحجم الذي يساعد على الإحساس بالشبع».
وكذلك الكعك، الذي تحتوي كل واحدة منه على 500 أو 600 سعر حراري أو المشروبات الغازية المتوافرة بحجم 64 أونصة.
تمتد الصدمة إلى تلك الأطعمة المعروفة. وقد طلبت ليزا يونغ، زميلة الدكتورة نستله في جامعة نيويورك، من الطلبة في صف التغذية الذي تدرسه، ذكر عدد السعرات الحرارية في مشروب «دابل غولب» 64 أونصة من الصودا (أقل قليلا من لترين) المتوافرة في بعض المتاجر. وكانت قد أخبرتهم بالفعل أن عبوة من المشروبات الغازية تبلغ سعتها ثمانية أونصات (نحو ربع لتر) تحتوي على 100 سعر حراري، لكن الطلبة اعتقدوا أن «دابل غولب» يحتوي على أقل من 400 سعر حراري.
عندما سألت الدكتورة يونغ عن السبب في خطأ تقييماتهم 100 في المائة، قالوا إنه يستحيل تصور أن يحتوي المشروب على 800 سعر حراري. فعادة ما يفشل الأشخاص الذين يراجعون المعلومات الخاصة بالسعرات الحرارية على بطاقات الطعام الغذائية، في تقدير الكمية التي ينبغي تقديمها.
إن تقديم مجرد نصف كوب من الأيس كريم، وشريحة برغر بحجم ثلاث أونصات (الأونصة نحو 28 غراما) وأونصتين من المعكرونة غير المطهية، مناسب لشخص واحد. ومن ثم ينبغي تقديم رطل (453 غراما) من المعكرونة لثمانية أفراد لا لاثنين أو لأربعة، فالإيطاليون يستهلكون أونصتين كجولة أولى. الوجبة في المطعم الأميركي التقليدي أقرب إلى عشاء شخصين، إذ تشير الدكتورة نستله إلى أن المطاعم رفضت اقتراحها لتقديم نصف كمية الطعام بثلث الثمن. وقد وجدت مؤخرا في مطعم نيويورك أن بيتزا الحجم الشخصي تحتوي على 2100 سعر حراري، متوسط الكمية التي تحتاجها المرأة في اليوم.
وقالت إن هذا لا يشمل المشروبات الغازية والمقبلات. وما لم تكن في المطبخ لتشاهد ما يقوم به الطهاة، فلن يكون لديك فكرة عن عدد السعرات الحرارية التي يتم طهيها في الطبق الواحد.
إن المزاعم الصحية حول الأطعمة هي عامل إغراء آخر لتشجيع الإسراف في الاستهلاك، وقالت الدكتورة نستله إنها وجدت أن الكلمات التي تضفي هالة الصحة على الأطعمة - مثل «عضوي» أو «دهون منخفضة»، «مفيد للقلب» - يمكن أن تشجع الأفراد على نسيان عدد السعرات الحرارية.
نهاية الإفراط

* يمتلك الجسم البشري نظاما معقدا للغاية للتأكد من أن الدماغ يحصل على السعرات الحرارية من السكريات التي يحتاجها للقيام بعمله. وتشرح الدكتورة نستله والدكتورة نيشايم في كتابهما أن هناك ما لا يقل عن 100 هرمون وإنزيم ومواد كيميائية أخرى - مع إمكانية استكشاف المزيد - تعمل على تنظيم الشهية والتأكد من أن الأفراد يأكلون ما يكفي للحفاظ على عمل المخ.
لكن هذه الأنظمة القوية تتسارع خلال الجوع (الترجمة: وجبة منخفضة السعرات الحرارية)، ما يجعل من الصعب على الأفراد إنقاص وزنهم.
وكما هو الحال بالنسبة لإغراء بيئة الغذاء الحالية، لا يزال من السهل عدم اكتساب وزن زائد في المقام الأول. وغالبية الأفراد لا يكترثون لكمية الطعام التي يتناولونها، فعلى سبيل المثال يستهلك المشاركات في دراسة «صحة الممرضات» 1.600 سعر حراري يوميا، لكن مؤشر كتلة أجسامهن في المتوسط 26 أو أعلى - إلى نطاق زيادة الوزن مدعوما بالكثير من السعرات الحرارية أكثر مما تعتقد السيدة أنها تأكل.

وتقول الدكتورة نستله: «أنا لا أحصي السعرات الحرارية ولا أوصي بإحصاء السعرات الحرارية. أنا أوصي بتناول الطعام، لكن ينبغي عليك أن تحرص على تناول الطعام بشكل أفضل وباعتدال، بتناول الكثير من الخضراوات والفواكه واللحوم قليلة الدسم، وحبوب كاملة بأنصبة معقولة، وليس الكثير من الوجبات السريعة».

وقد أثنت على الحملة الحالية التي نظمتها إدارة الصحة والصحة العقلية في ولاية نيويورك لحمل الأفراد على وقف «التهافت على السعرات الحرارية» وخفض استهلاك المشروبات الغازية المحلاة.

وقامت الدكتورة نستله والدكتور نيشايم بمراجعة تأثيرات تنظيم الوزن للمصادر المختلفة للسعرات الحرارية. هل مشروب الذرة عالي الفركتوز هو الذي يجعل الكثير من الأفراد بدينين؟ أم أن النشويات الأخرى، أم الدهون هي التي تتحمل اللوم في ذلك؟ أم ماذا؟
وقد وجدا أدلة شائعة تدعم الاعتقاد الشائع بأن أي مادة غذائية مسؤولة عن السمنة، أو أن الوجبة منخفضة السعرات هي سر نجاح الجميع.

على الرغم من قدرة الوجبة الغذائية منخفضة المواد النشوية والغنية بالدهون والبروتينات على تعزيز الشبع والحد من الوجبات الخفيفة، إلا أن عددا قليلا من الأفراد يبدون قدرة على الامتناع إلى أجل غير مسمى عن الأطعمة الغنية بالمواد النشوية التي يحبونها. ومن ثم ينبغي تقييم الفاعلية طويلة الأجل للوجبات منخفضة المواد النشوية لغالبية من الأفراد الذين يجربونها.
وكتب المؤلفان: «ربما يشكل مصدر السعرات الحرارية فارقا ضئيلا في الحفاظ على الوزن أو فقده، لكنه يبدو أقل أهمية من القدرة على مقاومة الضغوط للإسراف في تناول السعرات الحرارية بشكل عام». ونظرا لأن غالبية الأفراد لا يستطيعون تحديد عدد السعرات الحرارية التي يستهلكونها بدقة خلال اليوم، فإن الطريقة المثلى لمراقبة المدخلات والمخرجات، بحسب الدكتورة نستله، تمكن في المراقبة المنتظمة لمنطقة الوسط عبر الفتحات على حزام الوسط أو الأرقام على مدرج بانتظام.
وقالت: «من السهل خسارة رطل أو رطلين أكثر من خسارة 20 أو 30 رطلا».

بطبيعة الحال فإن كمية السعرات الحرارية المتناولة ليست العامل الوحيد في التأثير على الوزن، إذ يؤثر عدد السعرات الحرارية المستهلكة أيضا، فالأشخاص الأكثر نشاطا هم الأكثر قدرة، حتى وإن كانوا متململين، على تحقيق التوازن بين المدخلات والمخرجات.
*خدمة «نيويورك تايمز» المترجم: نبيه صالح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق