الاثنين، 16 أبريل 2012

حمى القش.. حساسية شائعة في الربيع



مسببات جينية وبيئية تؤثر على صحة الأطفال
القاهرة: د. هاني رمزي عوض 
ويجب معرفة أن الأشياء التي تسبب الحساسية (Allergens) ليست ضارة في حد ذاتها؛ فحبوب اللقاح أو غيرها من الأشياء يستنشقها الشخص العادي ولا تؤذيه، لكن في مرضى الحساسية ونظرا لزيادة نشاط الجهاز المناعي لديهم، يتم التعرف على هذه الأشياء على أنها مادة غريبة، وبالتالي يتم تحفيز الجهاز المناعي للجسم لإفراز مواد كيميائية للدفاع عن الجسم ضد المادة الغريبة.
ومن أشهر هذه المواد ماده الهيستامين بجانب بعض المواد الأخرى التي تسبب التهاب الأنف والجهاز التنفسي والحساسية، وعلى الرغم من أن الحساسية تنشأ في الصغر فإنها تلازم الإنسان طوال حياته ويختلف تأثره بها من فتره لأخرى، كما أنها لا تخضع لقواعد محددة لكل المرضى، وعلى سبيل المثال فإن بعض السيدات اللاتي يعانين حساسية معينة يمكن لهرمونات الحمل أن يكون لها أثر إيجابي على الحساسية وعلى تقليل ثقل المعاناة منها بشكل كبير، بحيث إنها تكاد تختفي، بينما في سيدات أخريات يمكن أن تزيد هرمونات الحمل سوء الحالة.
حمى القش
* حساسية الأنف أو حمى القش (Hay fever)، وهي المصطلح الطبي، لا تصيب الأطفال في الأغلب قبل سن الدراسة، وقد يكون السبب في ذلك راجعا إلى عدم تعرض الأطفال للبيئة الخارجية بكثرة؛ حيث يقضون معظم الوقت مع ذويهم في المنازل. ويكون الأطفال الأكبر سنا والمراهقون أكثر عرضة للإصابة من البالغين. وتحدث الحساسية في الأغلب في بداية الربيع، مما يمكن أن يطلق عليها الحساسية الفصلية، وهي عبارة عن تفاعل مناعي من الجسم لذرات من أجسام غريبة محملة عبر الهواء، سواء أكانت حبوب اللقاح أم حشائش من الأرض، ويمكن أن يكون للجينات دور في موضوع الحساسية يجعل بعض الأطفال يعانون بشكل أكثر من غيرهم، خاصة أن احتمالية إصابة الطفل بالحساسية تزيد إذا كان أحد الأبوين يعاني حساسية (من أي نوع) لتصل إلى 30%، وإذا كان كلا الأبوين مصابين بحساسية فإن النسبة ترتفع لتصل إلى 50%، وهذا يجعلهم معرضين لزيادة حساسية الجهاز المناعي لديهم لأي جسم غريب، سواء عن طريق التلامس أو الاستنشاق أو التناول عن طريق الفم والتفاعل معه.
وبجانب الجينات يتزامن ذلك مع الوجود في بيئة تسهل حدوث الحساسية بالوجود بالقرب من الأشجار والأعشاب، خاصة الأشجار غير المزهرة، وهو ما يوجد بكثرة في الكثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وبطبيعة الحال ليس بالضرورة أن يعاني كل الأطفال مرضى حمى القش متاعب أثناء الربيع كل عام، التي تختلف من طفل لآخر تبعا لمناعته؛ حيث يمكن أن يعاني طفل طوال فترة تلقيح الأشجار لفترات تتجاوز الشهور، بينما يعاني طفل آخر أسبوعين على الأكثر في الفترة التي توجد بها حبوب اللقاح بكثافة.
* الأعراض والمضاعفات: لا تعتبر حمى القش مرضا خطيرا في حد ذاته، لكنها تسبب ضيقا واعتلالا في المزاج بالنسبة للطفل، وتتميز بعدة أعراض مثل: احتقان وسيلان الأنف واحمرارها، وكذلك العطس باستمرار، بجانب وجود حكة في جلد الأذنين وجفون العينين، واحتقان بالحلق، وعلى الرغم مما يوحي به اسم المرض، لا يوجد ارتفاع في درجة الحرارة، وإن وجد يكون ناتجا عن التهاب الحلق أو الجهاز التنفسي، نتيجة لذلك يمكن أن يؤثر على تركيز الطفل وأدائه الدراسي، وفضلا عن أن التهاب الأنف المتكرر يحدث نوعا من الانسداد، مما يجعل الطفل لا ينام بالشكل الجيد ويتنفس عن طريق الفم، وعلى الرغم من أن المرض بسيط، لكنه إذا تكرر بشكل مزمن يمكن أن يتسبب في حدوث مشاكل مزمنة للطفل مثل التهاب الجيوب الأنفية والتهاب الأذن وأيضا حساسية الصدر.
* التشخيص: في الأغلب تكون أعراض المرض واضحة ولا تحتاج لفحوصات، ويمكن تمييز حمى القش (أو الخاصة بحبوب اللقاح) من الأنواع الأخرى من الحساسية بأن الأعراض تتحسن في المنزل أو في السيارة، حينما تكون النوافذ مغلقة والمكيف يعمل؛ لأن التكييف ينقي الهواء من حبوب اللقاح.
وأيضا يمكن ملاحظة أن الأعراض تحدث في الوقت نفسه تقريبا كل عام وتستمر من 4 إلى 10 أسابيع حسب الطفل. ويمكن أيضا إجراء اختبار حساسية لتأكيد التشخيص عن طريق حقن جلد الطفل بالمواد التي يعتقد أنها مسببة لحمى القش والتي تظهر بعد نحو من 10 إلى 15 دقيقة تفاعلا على شكل احمرار دائري للجلد يشبه لدغة البعوضة مثلا. ويمكن أن يتم حقن الطفل بعدة مواد تبعا لعمره لمعرفة الشيء المسبب للحساسية على وجه التحديد، كما يمكن أيضا إجراء تحليل للدم للبحث عن نوع معين من الأجسام المضادة تزيد في حالة حدوث الحساسية وعلاج حمى القش، عبارة عن استعمال مضادات للهيستامين لتقليل الأعراض والابتعاد عن مسببات الحساسية.
احتياطات مهمة
* تتوقف حدة الحساسية على تزامن العامل الجيني المهيئ لنشوب الحساسية مع العوامل البيئية المحيطة، وإذا كان الآباء بالطبع لا يملكون تغيير العامل الوراثي، فإن هناك خطوات يمكن اتباعها لتقليل تعرض الطفل لمسببات المرض (Allergens) بداية من الاستعداد في أوقات تغيير الفصول ومحاولة تجنب الوجود في الأماكن المفتوحة التي توجد بها الأشجار، وبالنسبة للأماكن المغلقة يستحسن غلق نوافذ البيت بشكل جيد، وكذلك يعتبر الغبار الناتج عن وجود حشرة العث، الموجودة داخل المنازل، من أشهر مسببات الحساسية، ويطلق الحساسية تجاه المواد الأخرى أيضا.
وهناك توصيات يمكن اتباعها لتفادي الآثار السيئة للحساسية صدرت من الأكاديمية الأميركية للحساسية (American Academy of Allergies) وهي: احتياطات داخل المنزل
* إبقاء المنزل نظيفا من التراب، سواء من الأرضيات أو أرفف الكتب أو فتحات التكييف، مع إبقاء النوافذ مغلقة.
* إبقاء الطفل بعيدا عن المواد الكيميائية المهيجة للحساسية مثل الطلاء وكذلك دخان التبغ والعطور النفاذة وأيضا المبيدات الحشرية، بل وحتى الموكيت يمكن أن يجعل الأزمة الصدرية تسوء.
* بالنسبة للسكان في مناطق قريبة من الأشجار يجب على الأم أن تراعي عدم نشر الغسيل في الهواء الطلق؛ حيث تجتمع مسببات الحساسية (Allergens) عليه، ويمكن نشر الغسيل على منشر داخل المنزل.
* يستحسن عدم تربية الحيوانات الأليفة بالمنزل؛ حيث يمكن أن تتجمع عليها حبوب اللقاح، وإذا وجدت بالمنزل يجب أن تبتعد تماما عن غرف النوم.
خارج المنزل
* يستحسن الخروج من المنزل بعد الساعة العاشرة صباحا؛ حيث إن حبوب اللقاح توجد بكثافة في الفترة من 5 صباحا وحتى العاشرة صباحا.
* أثناء القيادة يتم غلق نوافذ السيارة وتشغيل المكيف.
* عند عودة الطفل من الخارج يتم غسل ملابسه ويستحسن أن يستحم على الفور، وإذا تعذر الاستحمام يتم غسل اليدين جيدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق