مصنع شركة «سبانغيرو» للحوم في جنوب فرنسا.. وهو لإحدى العلامات التجارية التي طالتها فضيحة اختلاط لحم الخيل بمنتجاتها من اللحم البقري
فرنسا تعتبر بلدا لعشاقه وأطباقه المتنوعة.. والقضية تكشف تداخل شبكة الموردين والمنتجين
| ||
|
لندن: «الشرق الأوسط»
قالت آيرلندا الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي أمس إن مفوض الصحة بالاتحاد تونيو بورج ووزراء أوروبيين سيجتمعون في بروكسل اليوم الأربعاء لدراسة تداعيات فضيحة لحم الخيل التي تم اكتشاف وجودها في منتجات لحوم البقر وهي الفضيحة التي امتدت آثارها إلى أنحاء أوروبا الذي عثر عليه في منتجات بيعت على أنها لحوم أبقار.
وقالت الحكومة الآيرلندية في بيان على موقع رئاسة الاتحاد الأوروبي على الإنترنت إن وزير الزراعة الآيرلندي سايمون كوفيني يريد أن يناقش الاجتماع «كل الخطوات التي ربما تكون ضرورية على مستوى الاتحاد الأوروبي لمعالجة هذا الأمر بشكل شامل».
وكان وزير البيئة البريطاني قد عقد اجتماعا أمس هو الثاني من نوعه مع تجار التجزئة وسلطات سلامة الغذاء على خلفية فضيحة لحوم الخيل.
وكان وزير البيئة البريطاني اوين باترسون قد عقد اجتماعا السبت مع كبار تجار التجزئة وأصحاب الشركات المصنعة والموزعة للمواد الغذائية، وقال أمام البرلمان إنه طالبهم بالتأكد والتتبع لمصدر كل اللحوم المصنعة التي يتعاملون معها.
واضطرت شركتا «فيندوس» و«كوميجل» للمنتجات الغذائية المجمدة وعدد من سلاسل المتاجر في فرنسا وبريطانيا إلى سحب منتجات تم عرضها على أنها لحوم أبقار بعدما أظهرت الاختبارات أنها تحتوي على لحوم خيل بنسبة تصل إلى 100 في المائة.
وكشفت هذه الفضيحة مدى تعقيد وتداخل شبكة الموردين والمنتجين والموزعين في صناعة اللحوم، وهناك شركات في فرنسا ولوكسمبورغ ورومانيا وآيرلندا وقبرص وهولندا على صلة بهذه الفضيحة.
وقال باترسون إنه لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن المنتجات غير صالحة للاستهلاك الآدمي، لكن الأمر يتعلق بوجود «احتيال صريح.. فإذا كتب على منتج أنه لحم بقري وأنت في الواقع تشتري لحوم خيل فهذا خداع».
ومن جهته، قال بونوا هامون، وزير الشؤون الاستهلاكية الفرنسي، إن نتائج تحقيق أولي بدأته وكالة مكافحة الغش الفرنسية الأسبوع الماضي، سيتم الإعلان عنها غدا، وبحسب الوزير، تم على الأقل تصنيف اللحوم المستوردة دون ضوابط سليمة، وقال لصحيفة «جورنال دو ديمانش»: «لقد قدرنا أرباح ما يبدو أنه غش بـ300 مليون فرنك، وهو ما يقودنا إلى الاعتقاد بأن هذا الغش استمر لعدة أشهر؛ منذ آب (أغسطس) كما يبدو».
وتحصل «فيندوس» على إمدادات من شركة «كوميجل» - مقرها شمال شرقي فرنسا - التي تصنع منتجات مماثلة لموردي سلع غذائية وتجار تجزئة في 16 بلدا. وتأتي منتجات «فيندوس» التي اكتشف أنها تحتوي على لحم خيل في المملكة المتحدة من مصنع «كوميجل» في لوكسمبورغ، وبدورها تحصل «كوميجل» على اللحوم من شركة في جنوب غربي فرنسا هي «سبانجيرو»، التابعة لمجموعة «بوجول».
وقال هامون الذي حذر من أن مزيدا من المنتجات قد تكون ملوثة، إن «(بوجول) حصلت على اللحوم المجمدة من تاجر قبرصي، أعطى الصفقة من الباطن إلى تاجر في هولندا، وتم تزويد هذا الأخير باللحوم من مسلخ وجزار في رومانيا». وأضاف أن المشكلة الأساسية هل سبانجيرو التي «إما كانت تعرف أنها تشتري لحم خيل، وإما أنها خدعت».
وأعلن دانييل كونستانتين، وزير الزراعة الروماني، أن بلاده فتحت تحقيقا في هذا الشأن، مضيفا أن السلطات الفرنسية أشارت إلى اشتباهها في اثنين من المسالخ الرومانية، على الرغم من استبعاد واحد منهما لأنه لا يصدر لحم الخيل. إلى ذلك، وفي مطعم صغير فريد من نوعه في أحد شوارع باريس الخلفية القذرة يلتهم الرواد بنهم أطباق مخ الخيل المضاف إليه الخبز المصحون وقلب الخيل المحمر ووجنات الخيل المسلوقة إلى جانب الطبق الرئيسي لكفل الخيل الذي يحرص كبير الطهاة على قطعها وتخليصها من العظام بنفسه.
ويقول عشاق للحم الخيل يصطفون في طوابير أمام عدد قليل من متاجر القصابين (الجزارين) التي ما زالت تبيع لحم الخيل في العاصمة الفرنسية إنهم يحبون الأطباق التي يعدونها بأنفسهم بعد فرم لحم الخيل وطهوه مع زيت الزيتون وعصير الليمون والفلفل الأسود.
وإذا كان تصور بريطانيين أنهم يأكلون لحما كانوا يظنون أنه لحم أبقار واتضح لهم أنها لحم خيول رومانية مسنة يجعلهم يشعرون بالغثيان فهناك قلة وفية في فرنسا تتحسر على تراجع الشهية لأكل لحوم الخيل التي يرون أنها ألذ وصحية أكثر من لحوم الأبقار. وتعهدت الحكومتان البريطانية والفرنسية بمعاقبة المسؤولين عن السماح ببيع لحوم خيل منشأها رومانيا على أنها لحوم أبقار.
وقال جيرار مارين، 67 عاما، الذي يتردد بشكل أسبوعي على واحد من بين نحو 12 قصابا يبيع لحم الخيل في باريس بعد أن كانت المدينة بها المئات من هذه المتاجر قبل 30 عاما «أفهم أن يغضب الناس لدى اكتشافهم أن ما كانوا يظنونه لحما بقريا هو لحم خيول رومانية مسنة لكن حين تربى الخيول بشكل مناسب يكون لحمها لذيذا».
واستطرد «إنها ألذ من لحم البقر وبها دهون أقل، شبان اليوم لا يأكلون سوى الوجبات الجاهزة مثل الكباب ونفايات أخرى وهم لا يعلمون ما يفوتهم».
ويعود حب الفرنسيين للحوم الخيل إلى القرن الثامن عشر حين استخدم ثوار إبان الثورة الفرنسية خيول الطبقة الارستقراطية التي أسقطوها لسد جوعهم، واستمر ذلك قرنين إلى أن أصبحت غير مستساغة بين جيل أصغر يميل إلى الانتقاء.
ويستهلك المواطن الفرنسي الآن أقل من 300 جرام من لحم الخيل وهو خمس حجم استهلاكه قبل 30 عاما وأقل من واحد في المائة من اللحوم التي يستهلكها الآن.
ويقول محبو لحم الخيل إنه غني بالحديد وعضوي أكثر من لحوم الأبقار التي تنتج على نطاق واسع وأيضا لحوم الدجاج الذي يربى في حضانات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق